في الآونة الأخيرة، ركز العالم السياسي على وصول طائرة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن، حيث من المتوقع أن يعقد اجتماعا مهما مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. إن هذا الاجتماع مهم ليس فقط بسبب أهمية القادة المشاركين فيه، بل أيضا بسبب تداعياته على الدبلوماسية الدولية، والعلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة، وتوازن القوى في الشرق الأوسط. ويعد وصول نتنياهو إلى العاصمة الأميركية حدثاً لم يمر مرور الكرام في سياق عدم الاستقرار الجيوسياسي والتوترات الإقليمية، وخاصة فيما يتعلق بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني، والعلاقات مع إيران، وخطة السلام في الشرق الأوسط المعروفة باسم صفقة القرن. وتحمل الزيارة الكثير من الرمزية، لأنها تعكس تحالفا كان على مر السنين أساسيا بالنسبة للسياسة الخارجية الإسرائيلية والأمريكية على حد سواء. سياق الزيارة: العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة منذ تولي دونالد ترامب منصبه في عام 2017، وصلت العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة إلى مستوى غير مسبوق من التقارب والتعاون. خلال إدارة ترامب، تم اتخاذ عدة خطوات دبلوماسية رئيسية لصالح إسرائيل، وأبرزها: الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل: في عام 2017، أعلن ترامب أن الولايات المتحدة ستعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وهي خطوة تاريخية غيرت ديناميكيات العلاقات الدبلوماسية في المنطقة واحتفل بها الكثيرون في إسرائيل ولكن انتقدها الفلسطينيون والمجتمع الدولي. اتفاقية التطبيع مع الدول العربية: خلال فترة حكم ترامب، وقعت عدة دول عربية، بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة والبحرين، اتفاقيات تطبيع مع إسرائيل، والمعروفة باسم اتفاقيات إبراهيم. واعتبرت هذه الاتفاقيات بمثابة انتصار دبلوماسي لإسرائيل وأحد نقاط القوة الرئيسية في السياسة الخارجية لترامب في المنطقة. الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني: كان انسحاب الولايات المتحدة من خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015) أيضًا قضية محورية في العلاقة بين ترامب ونتنياهو. وكانت إسرائيل من أشد المنتقدين للاتفاق النووي مع إيران، كما دعمت سياسات ترامب الأكثر عدوانية تجاه طهران، بما في ذلك العقوبات والعزلة الدبلوماسية. لقاء نتنياهو مع ترامب: ماذا نتوقع؟ ويأتي اللقاء بين نتنياهو وترامب في واشنطن في سياق خاص للغاية. تواجه إسرائيل، تحت قيادة نتنياهو، تحديات داخلية وخارجية. لقد أثرت جائحة كوفيد-19 بشدة على الاقتصاد الإسرائيلي، ويظل الصراع مع فلسطين نقطة توتر دائمة. علاوة على ذلك، يواجه نتنياهو انتقادات داخلية واتهامات بالفساد، مما جعله تحت ضغوط سياسية. في هذه الأثناء، سعى دونالد ترامب، الذي يقضي أشهره الأخيرة في ولايته الرئاسية، إلى ترسيخ إرثه في مجال السياسة الخارجية، مع التركيز على تعزيز أمن إسرائيل وتعزيز اتفاقيات السلام في المنطقة. ويُنظر إلى اللقاء مع نتنياهو باعتباره فرصة لتعزيز التحالف بين البلدين ومناقشة القضايا الحيوية للأمن والاستقرار في الشرق الأوسط. المواضيع الرئيسية للاجتماع ومن المتوقع أن يتناول اللقاء بين الزعيمين العديد من القضايا الاستراتيجية، التي لا تهم إسرائيل والولايات المتحدة فحسب، بل لها أيضا تأثير مباشر على الجغرافيا السياسية العالمية. 1. الصراع الإسرائيلي الفلسطيني ومن المؤكد أن أحد المواضيع الرئيسية التي سيتناولها الاجتماع سيكون الصراع الطويل الأمد بين إسرائيل وفلسطين. ورغم أن إدارة ترامب روجت لـ”صفقة القرن” التي عرضت حلاً أحادي الجانب لهذا الصراع، فإن احتمالات التوصل إلى اتفاق دائم وعادل تظل غير مؤكدة. لقد دافع نتنياهو عن سياسة “عدم وجود أي قيود” وحافظ على موقف ثابت في دعمه للمستوطنات في الأراضي المحتلة، الأمر الذي ولّد توترات مع السلطة الفلسطينية والمجتمع الدولي. وقد يتناول الاجتماع أيضًا الاحتجاجات الفلسطينية ضد السياسات الإسرائيلية والديناميكيات الجديدة الناشئة عن اتفاقيات التطبيع مع الدول العربية. ويتوقع بعض المحللين أن يحاول ترامب استخدام نفوذه للدفع نحو اتخاذ خطوات أخرى نحو الحل، على الرغم من أن العقبات لا تزال كبيرة. 2. إيران والاتفاق النووي وهناك قضية حاسمة أخرى تتعلق بإيران وبرنامجها النووي. لقد حافظ ترامب طوال فترة ولايته على سياسة المواجهة مع إيران، والتي دعمتها إسرائيل بشكل كامل. كان نتنياهو من أشد المنتقدين للاتفاق النووي لعام 2015، حيث زعم أن إيران غير جديرة بالثقة وأن الولايات المتحدة لن تقبل بذلك.